الان مع جولة لاهم مدن فلسطين ونبذذة قصيرة عن كل مدينة واروع الصور لها
نبذة تاريخية عن القدس
تعتبر مدينة القدس من أقدم المدن التاريخية في العالم، حيث يزيد عمرها عن
(45) قرناً، وهي مهد الديانات السماوية الثلاثة، اليهودية والنصرانية
والإسلام .
وقد عرفت القدس بأسماء عديدة على مر العصور كان أهمها، يبوس، أورشاليم، إيليا كابتولينا، إيلياء، بيت المقدس، القدس، القدس الشريف .
يبوس
هو الاسم الأقدم الذي عرفت به القدس قبل حوالي (4500) سنة، وذلك نسبة
لليبوسيين الذين ينحدرون من بطون العرب الأوائل في الجزيرة العربية،
ويعتبر اليبوسيون السكان الأصليون للقدس، فهم أول من سكنها حينما نزحوا
إليها مع من نزح من القبائل العربية الكنعانية حوالي سنة (2500 ق.م)، حيث
استولوا على التلال المشرفة على المدينة القديمة وبنوا قلعة حصينة على
الرابية الجنوبية الشرقية من يبوس عرفت بحصن يبوس الذي يعرف بأقدم بناء في
القدس وذلك للدفاع عن المدينة وحمايتها من هجمات وغارات العبرانيين
والمصريين (الفراعنة) .
وكما اهتم اليبوسيون بتأمين حصنهم ومدينتهم بالمياه، فقد احتفروا قناة تحت
الأرض لينقلوا بواسطتها مياه نبع جيحون (نبع العذراء) الواقع في وادي
قدرون (المعروفة اليوم بعين سلوان) إلى داخل الحصن والمدينة
.
كما عرفات القدس بأورشالم
نسبة إلى الإله (شالم) إله السلام لدى الكنعانيين، حيث ورد ذكرها في
الكتابات المصرية المعروفة بألواح تل العمارنة والتي يعود تاريخها إلى
القرنين التاسع عشر والثامن عشر قبل الميلاد.
وظلت يبوس بأيدي اليبوسيين والكنعانيين حتى احتلها النبي داود عليه السلام
(1409ق.م)، فأطلق عليها اسم (مدينة داود)، واتخذها عاصمة له، ثم آلت من
بعده لابنه الملك سليمان وازدهرت في عهده ازدهاراً معمارياً كبيراً، وفي
هذه الحقبة سادت الديانة اليهودية في المدينة .
وفي سنة 586 ق.م دخلت القدس تحت الحكم الفارسي عندما احتلها نبوخذ نصر وقام بتدميرها ونقل السكان اليهود إلى بابل .
وبقيت القدس تحت الحكم الفارسي حتى احتلها الاسكندر المقدوني في سنة 332
ق.م. وقد امتازت القدس في العهد اليوناني بعدم الاستقرار خاصة بعد وفاة
الاسكندر المقدوني حيث تتابعت الأزمات والخلافات بين البطالمة (نسبة إلى
القائد بطليموس الذي أخذ مصر وأسس فيها دولة البطالمة) والسلوقيين (نسبة
إلى القائد سلوقس الذي أخذ سورية وأسس فيها دولة السلوقيين)، الذي حاول كل
منهما السيطرة على المدينة وحكمها .
وفي سنة 63ق.م استطاع الرومان أن يحتلوا القدس على يدي قائدهم بومبي، وفي
سنة 135 ميلادي قام الإمبراطور الروماني هادريانوس بتدمير القدس تدميراً
شاملاً، حيث أقام مكانها مستعمرة رومانية جديدة أسماها (إيليا كابتولينا) .
وظلت تعرف القدس بإيليا أيضاً في العصر البيزنطي (330-636م)، ذلك العصر
الذي اعترف فيه بالديانة المسيحية كديانة رسمية للإمبراطورية البيزنطية،
عندما اعتنقها الإمبراطور قسطنطين، وفي عهده قامت أمه الملكة هيلانة ببناء
كنيسة القيامة سنة 335 م .
وفي سنة 614م استولى الفرس للمرة الثانية على القدس وقاموا بتدمير معظم
كنائسها وأديرتها، وظلت تحت الحكم الفارسي حتى استردها هرقل منهم سنة 627
م فظلت تحت الحكم البيزنطي حتى الفتح الإسلامي .
ولما كان الإسلام ديناً عالمياً لا يقتصر على العرب، فقد وقع على كاهل
العرب والمسلمين نشره في كافة البلدان، فكانت الفتوحات الإسلامية وكانت
فلسطين من أول البلدان التي سارت إليها الجيوش الإسلامية، وبعد هزيمة
الروم في معركة اليرموك أصبح الأمر سهلاً بالنسبة للمسلمين للوصول إلى
القدس وفتحها، وفي سنة 15 هجرية / 636 ميلادية دخل الخليفة الراشدي عمر بن
الخطاب القدس صلحاً وأعطى لأهلها الآمان من خلال وثيقته التي عرفت بالعهدة
العمرية .
وبقدوم المسلمين إلى القدس تبدأ حقبة جديدة في تاريخها، حيث توالت سلالات
الخلافة الإسلامية على حكمها تباعاً، فحكمها بعد الخلفاء الراشدين:
الأمويون، والعباسيون، والطولونيون، والأخشيديون، والفاطميون، والسلاجقة .
هذا وظلت تعرف القدس باسم إيلياء وبيت المقدس منذ الفتح العمري وحتى سنة 217 هجرية، عندما بدأت تعرف باسم
القدس
لأول مرة في التاريخ الإسلامي وذلك بعدما زارها الخليفة العباسي
المأمون سنة 216 هجرية وأمر بعمل الترميمات اللازمة في قبة الصخرة المشرفة
وفي سنة 217هجرية قام المأمون بسك نقود حملت اسم (القدس) بدلاً من إيليا،
ومن المحتمل أنه قام بذلك تأكيداً لذكرى ترميماته التي أنجزها في قبة
الصخرة(2).
وعليه تكون القدس قد سميت بهذا الاسم منذ بداية القرن الثالث الهجري، وليس
كما يعتقد البعض بأن ذلك يعود إلى نهاية الفترة المملوكية (القرن التاسع
الهجري)، وتبلور فيما بعد حتى صار يعرف في الفترة العثمانية باسم (القدس
الشريف) .
وفي سنة 492هجرية / 1099 ميلادية احتل الصليبيون القدس وعاثوا فيها فساداً
وخراباً دونما اكتراث لقدسيتها ومكانتها الدينية، فارتكبوا المجازر البشعة
في ساحات الحرم الشريف، وقاموا بأعمال السلب والنهب وحولوا المسجد الأقصى
إلى كنيسة ومكان لسكن فرسانهم ودنسوا الحرم الشريف بدوابهم وخيولهم حينما
استخدموا الأروقة الموجودة تحت المسجد الأقصى والتي عرفت بعدهم بإسطبل
سليمان، الأمر الذي يتناقض تناقضاً تاماً مع تسامح الإسلام الذي أكده
وترجمه عمر بن الخطاب عندما دخل مدينة القدس .وما أن ظهر الحق وزال
الباطل، حتى فتح الله على السلطان صلاح الدين الأيوبي بنصره على الصليبيين
في معركة حطين سنة 583هجرية/ 1187 ميلادية، فحرر فلسطين وطهر القدس وخلصها
من الصليبيين وردها إلى دار الإسلام والمسلمين .
وظلت القدس بأيدي المسلمين، تحكم وتدار من قبل السلالات الإسلامية التي
جاءت بعد الأيوبيين، فكان المماليك والعثمانيون حتى سقطت بأيدي
البريطانيين سنة 1917 م .
القدس ما قبل التاريخ
حظيت مدينة القدس - وما تزال - بمكانة عظيمة في التاريخ الإنساني، لم
تضاهيها في ذلك أية مدينة عبر التاريخ وعلى مر العصور، لقد تميزت هذه
المدينة بخصوصية اكتسبتها من انفرادها بالبعد الروحي المرتبط بالزمان
والمكان فهي في الزمان ضاربة جذورها منذ الأزل بوجهها الكنعاني الحضاري ،
وتمتعت بكلاً من الموقع والموضع ، فكانت ملتقى الاتصال والتواصل بين قارات
العالم القديم، تعاقبت عليها الحضارات و أمتها المجموعات البشرية
المختلفة، مخلفةً وراءها آثارها ومخطوطاتها الأثرية التي جسدت الملاحم
والحضارة والتاريخ دلالة على عظم وقدسية المكان
ولابد أن يكون لمثل هذه الظاهرة الحضارية الفذة أسباب ومبررات هي سر
خلودها واستمرارها آلاف السنين ،رغم كل ما حل بها من نكبات وحروب أدت إلى
هدم المدينة وإعادة بناءها ثماني عشر مرة عبر التاريخ ، وفي كل مرة كانت
تخرج أعظم وأصلب من سابقتها وأكثر رسوخا، دليلا على إصرار المدينة المقدسة
على البقاء ، فمنذ أن قامت ( القدس الأولى ) الكنعانية قبل نحو 6000 سنة
وهي محط أنظار البشرية منذ نشأت الحضارات الأولى في (فلسطين ووادي النيل
والرافدين ) مرورا بالحضارة العربية الإسلامية حتى يومنا هذا
يقدر علماء الآثار أن تاريخ مدينة القدس يرجع إلى حوالي ستة آلاف سنة كما
أكدت ذلك تلك الحفريات التي قامت عليها المدرستين الفرنسية والبريطانية
برئاسة الأب "ديفو" وبانضمام "رويال انتوريا " برئاسة الدكتور " توستينج
هام " ومشاركة جامعة "تورنتو " في كندا عام 1962 م، حيث اعتبرت هذه البعثة
أن ما تم التوصل إليه خلال موسم الحفريات من نتائج عن تاريخ مدينة القدس
لا تعدو كونها معلومات تعيد صياغة تاريخ القدس، وزيف بطلان النتائج
المشوهة التي نشرت في السابق بالاعتماد على ما ورد في التوراة والتي تنادي
بقدس ثلاثة آلاف عام.
القدس ( الاهميه الدينيه والتريخيه )
لا بد لنا من لمحة عن اهمية القدس وعظمتها ودورها:لقد
جاء في معجم البلدان ان ارض مدينة القدس كانت صحراء قبل ان تبنى وتحصن،
وكان اول من اختطها وبناها ملك اليبوسيين المسمى ملكيصادق ومعناه (ملك
الصدق) وقيل انه اسم لسام بن نوح، وقيل ان اول اسم اطلق عليها (ايلياء)
باعتبار ان ايلياء هو الذي بناها وان ايلياء هو ابن ارم بن سام بن نوح وهو
اخو دمشق وحمص واردن وفلسطين وهذا كله يبقى اخبارا لا دليل عليها، ولا
يمكن التحقق منها، كما تؤكد الدراسات المتعلقة بتاريخ القدس.
وايلياء معناه بيت الله.
وهناك من يقول ان اسمها الاول كان: روشليم ـ اورشليم ـ اوريسلم ـ اويشلوم، فهي اسماء عبرانية اطلقت عليها فيما بعد.
اما اسم اورشليم الذي يتمسك به اليهود والوارد في توراتهم المحرفة فانه كان معروفا قبل ذلك.
ويقول حتي في كتابه / تاريخ سوريا ولبنان وفلسطين/ بان اصل الاسم من
الكنعانية (بأروشالم) بمعنى (دع شالم يؤسس) وشالم "اله السلام" عند
الكنعانيين.
كما ورد اسم اورشليم الذي ادخله الاسرائيليون في توراتهم، في نقش مصري قديم يرجع الى القرن التاسع قبل الميلاد.
وعرفت المدينة باسم (ايلياء) أي بي الله حتى الفتح الاسلامي حيث استقرت
على اسم واحد بيت المقدس، وسمي المسجد الاقصى، ثم اقتصر اسمه على القدس
وهو من اسماء الله تعالى.
والقدس هو البيت المقدس، سمي بذلك لانه المحل الذي يتطهر فيه من الذنوب او سمي كذلك لانه مبارك.
ولن اقف ـ لضيق المجال ـ امام تاريخ القدس في عهد اليبوسيين والكنعانيين
والعبرانيين، ووضعا في ظل الغزو الاشوري والكلداني والفارسي واليوناني وفي
ظل الحكم الروماني ووضعها في ظل المسيحية، والصراع بين الفرس والرومان،
انما نقف وقفة قصيرة امام الروابط الاسلامية بفلسطين والقدس. واهمها : على
الاطلاق الحدث التاريخي النبوي وهو الاسراء والمعراج. اذ يقول تعالى:
{سبحان الذي اسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام الى المسجد الاقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا انه هو السميع البصير}.والمسجد الاقصى هو اولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين وقد جاء في الحديث في فضل بيت المقدس:
"صلاة الرجل في بيته بصلاة وصلاته في مسجد القبائل بخمس وعشرين صلاة
وصلاته في المسجد الذي يجمع فيه بخمسمائة صلاة وصلاته في المسجد الاقصى
بخمسين الف صلاة وصلاته في مسجدي بخمسين الف صلاة، وصلاته بالمسجد الحرام
بمائة الف صلاة".
عن ابي ذر قال: سالت رسول الله (ص) عن اول مسجد وضع على الارض، فقال
"المسجد الحرام، قلت: ثم اي؟ قال: المسجد الاقصى، قلت: وكم بينهما؟ قال:
اربعون عاما، ثم قال: "فأين ادركتك الصلاة فصل فان الفضل فيه".
ويقول ابو الزاهرية: "اتيت بيت المقدس اريد الصلاة، فدخلت المسجد وغفلت
عني سدنته حتى اطفئت القناديل، فيما انا كذلك اذ سمعت حفيفا له جناحان وقد
اقبل يقول: "سبحان الدائم القائم، سبحان القائم الدائم، سبحان الحي
القيوم، سبحان الملك القدوس، سبحان رب الملائكة والروح، سبحان الله
وبحمده، سبحان العلي الاعلى، سبحانه وتعالى"، ثم اقبل حفيف يتلوه. يقول
ذلك. ثم اقبل حفيف بعد حفيف يتجاوبون حتى امتلأ المسجد! فاذا بعضهم قريب
مني. فقال: آدمي؟ فقلت: نعم، فقال: لا روع عليك هذه الملائكة. قلت: سألتك
بالذي قواكم على ما ارى من الاول: قال: جبريل.
قلت: ثم الذي يتلوه؟ قال ميكائيل
قلت: من يتلوهم بعد ذلك؟ قال: الملائكة. قال: من قالها مرة في كل يوم لم يمت حتى يرى مقعده في الجنة او يرى له.
بسند عبدالله باكويه الى ذي النون يقول: بينما انا في بعض جبال بيت المقدس
سمعت صوتا يقول: ذهبت الالام عن ابدان الخدام، ولهت بالطاعة عن الشراب
والطعام، وألفت قلوبهم طول القيام بين يدي الملك العلام. فتبعت الصوت،
واذا امرؤ مصفر الوجه يميل ميل الغصن اذا حركته الريح، عليه شملة قد ائتزر
بها، واخرى قد اتشح بها فلما رآني توارى عني بالشجر فقلت:
ليس الجفاء من اخلاق المؤمنين. فكلمني وأوصني. فخر ساجدا وجعل يقول: هذا
مقام من لاذ بك، واستجار بمعرفتك والف محبتك، فيا اله القلوب احجبني عن
القاصين لي عنك. قال: فغاب عني ولم اره.
ويقول بعض المفسرين في قوله تعالى: {واستمع يوم ينادي المنادي من مكان قريب} أي من صخرة بيت المقدس.
والمنادي هو اسرافيل فينفخ في الصور وينادي: ايتها العظام البالية،
والاوصال المتقطعة، واللحوم المتمزقة، والشعور المتفرقة، ان الله يأمركن
ان تجتمعن لفصل القضاء.
ويقول بعضهم: "ان الصخرة في المسجد الاقصى كالحجر في المسجد الحرام".