الأدب مع الله

موضوع: الأدب مع الله الأحد يونيو 06, 2010 6:51 pm

الفصل الأوّل : الأدب مع الله
الباب الأوّل : الحُبّ

حرف الحاء : يخرج من أقصى الحلق .
حرف الباء : يخرج من بين الشفتين.
في الحاء ابتداءُ وفي الباء انتهاءُ ، وهذا شأن المحبة فإنّ ابتدائها من المحبوب وانتهاءها إليه .
ومن أجمع وأجمل ما قيل عن المحبة (عبد ذاهب عن نفسه ، متصل بذكر ربه ، قائم بأداء حقوقه ، ناظر إليه بقلبه ، أحرق قلبه أنوار هيبته ، وصفا شربه من كأس وده ، وانكشفت له الغيوب من أستار غيبه ، فإن تكلم فبالله وإن نطق فعن الله وإن تحرك فبأمر الله وإن سكن فمع الله ، فهو بالله ولله ومع الله )
أختي في الله : ماذا لو أحببت الله ؟
لقد قرأتِ في شروط '' لاإله إلاّ الله '' شرط المحبة ، إذن لابدّ أن يكون سعيك مُسارعا في محبة الله وإخلاص العبادة له حتى تعيشي والله في سعادة لا تصل إلى بابها الكلمات حتى تصفها ، لقد ذهب المحبّون لله بشرف الدنيا والآخرة ، ففي الدنيا لهم معية المحبوب وما يتبعها من حفظ وتيسير وأمن ، ولهم في الآخرة وعد الصدق (إذ المرء يُحشر مع من يحب ) أتدرين الآن ما أعظم حظ من عاش بحب الله ؟
أفلا تغارين ؟ (وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ المُتَنَافِسُونَ) 26 سورة المطففين
أفلا تشتاقين ؟ عندما يقول الله تعالى (وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ) 165 البقرة
تأملي في لفظة '' أشد '' ثم تذكّري ، هل ذقت حبّا أحسست أنّه شديد الوقع على قلبك ؟ فلتعلمي أختاه أنّه مهما بلغ حب المخلوق للمخلوق من الشدة ، فإنّه لن يصل أبدا إلى تلك المشاعر الربّانية التي تستحوذ على قلب المخلوق إذا أحب خالقه !
الله أكبر !

***

الآن أختي (لا تقولي بعد قليل) قومي ، أحضري ورقة وقلما أحمر ارسمي به قلبا كبيرا ثم اكتبي ما يلي ..........
لحظة !
قبل أن تكتبي ، أسألكِ؟
هل تهتز أركانكِ إذا ذكر الله ؟
عندما تسمعين كلمة '' الله'' ، أي الأحاسيس تنتابكِ؟
(إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ) 2 سورة الأنفال
فعالجي قلبك أختي إن وجدته فارغا حتى لا تكوني من القاسية قلوبهم ، وهل هناك أقسى من قلب لا يشغفه حب الله فيطوقه فيغمره فلا يترك منه سوى '' إنّي لله ''

والآن لكِ أن تكتبي :
يارب حبّك في دمي وكياني *** نور أغرّ يذوب في وجداني
أحبّك ربّي

عبادة الله بالحب هي ما ينقصك حتى ترتفعي في الدنيا ثم في الآخرة إلى مقامات عالية من السعادة.
هلّمي يا أمة الله إلى ربّك فهو الذي يستحق منكِ الحب الأعظم.
كم طال بعدك عن هذا المحبوب !
لقد هجرت جنّة الأنس به ثمّ تساءلت مرارا باكية لما أنا وحيدة مستوحشة ؟
كفكفي دمعك أختاه واهمسي لنفسك كلّما اعترتكِ الوحدة '' أيوحشني الزّمان وأنت أنسي يا الله ''

فكوني ذات عقل سديد وارجعي ، أوبي أختاه، تذكري كيف مدح الله عبديه سليمان و أيوب عليهما السلام فقال '' نعم العبد إنّه أوّاب '' 30 ، 44 سورة ص .
كوني أنتِ نعم الأمة !

***
أرى أنّ الحُب من قمّة الأدب لأنّك إذا أحببت شخصا حرصت كل الحرص أن تلتزمي في تعاملك معه بمكارم الأخلاق وأحاسنها ، ولله المثل الأعلى ، صدّقيني - يا من أريد لكِ الخير كلّه – لو تعلّمت أن تعبدي الله بالحب ، لكان إقبالك على الطّاعات وابتعادك عن النواهي أسهل من فتح نافذة لدخول أشعة الشمس وغلق أخرى لسد الرياح !
***
إنّها الخطوة الأولى يا من خصّك الله بأعظم النّعم نعمة الإسلام ،خطوة إلى بر السّعادة التي لا شقاء بعدها...
أفلم يئن لك أن تطهري القلب المكلوم من أذى بعض الأحبة الذين بحبهم لم تنالي سوى الألم الشديد والدمع الغزير والشجن الطويل؟
طهريه أجل طهريه ، ثم أسكنيه حُبّ الله فذاك ساكن سيغرس في كل شريان زهرة لا أشواك فيها وسيرسم في كل ركن بسمة لادموع معها ، وستُكتب لكِ حياة القلب فألف طوبى !
(أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) سورة البقرة الآية 257
***
ابدئي من اللحظة حياة جديدة ، واستشعري حبك لله واستحضريه في كل صغيرة وكبيرة ، فإذا نادى المنادي للصّلاة قولي بقلبكِ '' لبّيك اللّهم'' ،واجعلي قلبك يطرب فرحا بموعد هذه العبادة...

وإذا ما رأيت أختا لكِ في الله فاهمسي لها ''أحبكِ في الله '' وليس بين عينيك سوى المنبع الأعظم (حب الله ) ، فبحبك لله أحببتِ عباده الصّالحين وارتجيت بذلك الأجر والثواب ، وكذا في سائر الأمور...
أي عيشة هذه إن عشتيها !
إنّها مقدمة الجنان !
فسارعي ، سارعي ، سارعي ...
(وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ) سورة آل عمران – الآية 133

***
إذن أول عنصر من فصل الأدب مع الله هو الحبّ.
نريد أن نتعلّم معا كيف نعيش بحب الله عيشة هنيّة وحتى ننجح أختي العزيزة ،هلمّي بنا ننجز هذه الواجبات معا :

1-جلسة ربّانية في الثلث الأخير عندما تحلو المناجاة ،ألزمي نفسك بها لا تستسخري في ذلك مجاهدة مهما طال الزّمن لا تتوقّفي ، كل ليلة اضبطي منبّهك ساعة أو ساعتين قبل الفجر حتى تشهدي التنزّل الإلهي اللائق بجلال وجه ربّنا وعظيم سلطانه ، وبين يديه اكسري نفسك وذلّليها فليس حينها أعزّ منك .
(مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُوْلَئِكَ هُوَ يَبُورُ) الآية 10 فاطر
ذلك موعد لقائك بالمحبوب الأعظم ، فاسألي نفسك أكنت ستتأخّرين عن لقاء مخلوق له في قلبك حبُ للحظة واحدة ؟
أشكّ أختاه !
أفلا تستحين أن ينزل الله ربّك سائلا : ''هل من تائب فأتوب عليه؟ هل من مستغفر فأغفر له؟ هل من سائل فأعطيه؟ حتى يطلع الفجر " رواه البخاري ومسلم
ويجدكِ من الغافلين !
2- المحافظة على الورد اليومي من القرآن ، والتدّبر في ما تحمله آياته من شفاءٍ ورحمة ٍ.
3- اجعلي البطاقات التي مع الموضوع صوب عينيكِ ، ضعيها في جهازكِ وفي جوّالك ،واطبعيها إن استطعت لتُزيّني بها غرفتك (اجعلي كل أغراضك تحب الله) ،ضعيها بين كتبك حتى إذا ما رأيتها ذكرتِ الله '' أحبّك يا الله ''

4-استشعار حب الله في كل أمورك ، لا تأتي عملا (صغيرا أو كبيرا) إلا وقد استحضرت حبك لله .
( 4 واجبات اعكفي عليها وكوني لنفسك مُحاسبة)

كلام ابن القيّم –رحمه الله- في محبّة الله :
( أعظم أنواع المحبة وأنفعها هي محبة الله تعالى)

واعلم أن أنفع المحبة على الإطلاق وأوجبها وأعلاها وأجلها محبة من جبلت القلوب على محبته وفطرت الخليقة على تأليهه ،وبها قامت الأرض والسموات ،وعليها فطرت المخلوقات، وهي سر شهادة أن لا إله إلا الله ، فإن الإله هو الذي تألهه القلوب بالمحبة والإجلال والتعظيم والذل له والخضوع والتعبد ، والعبادة لا تصح إلا له وحده ، والعبادة هي كمال الحب مع كمال الخضوع والذل ، والشرك في هذه العبودية من أظلم الظلم الذي لا يغفره الله ، والله سبحانه يُحب لذاته من سائر الوجوه ،وما سواه فإنما يحب تبعا لمحبته .
والولاية أصلها الحب ؛ فلا موالاة إلا بحب ،كما أن العداوة أصلها البغض.
والله ولي الذين آمنوا وهم أولياؤه ؛ فهم يوالونه بمحبتهم له ، وهو يواليهم بمحبته لهم ؛ فالله يوالي عبده المؤمن بحسب محبته له .
ولهذا أنكر سبحانه على من اتخذ من دونه أولياء ؛ بخلاف من والى أولياءه ؛فإنه لم يتخذهم من دونه ، بل موالاته لهم من تمام موالاته .
وقد أنكر على من يُسوّي بينه وبين غيره في المحبة ، وأخبر أن من فعل ذلك ، فقد اتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله قال تعالى : ( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ[color=purple]:165. وأخبر عمن يُسوِّي بينه وبين الأنداد في الحب أنهم يقولون في النار لمعبوديهم (تَاللَّهِ إِن كُنّا لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ - إِذْ نُسَوِّيكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ ) الشعراء :97-98.

***
الأسباب الجالبة للمحبة والموجبة لها، وهي عشرة :
1-قراءة القرآن بالتدبر والتفهم لمعانيه وما أريد منه .
2-التقرب إلى الله بالنوافل بعد الفرائض ، فإنها توصله إلى درجة المحبوبية بعد المحبة .
3- دوام ذكره على كل حال : باللسان والقلب والعمل والحال ، فنصيبه من المحبه على قدر نصيبه من الذكر .
4-إيثار محابه على محابك عند غلبات الهوى والتسنم إلى محابه وان صعب المرتقى 5- مطالعة القلب لأسمائه وصفاته ومشاهدتها ومعرفتها.
6- مشاهدة بره وإحسانه وآلائه ، ونعمه الظاهرة والباطنة.
7- انكسار القلب بين يدي الله تعالى.
8- الخلوة به وقت النزول الإلهي لمناجاته وتلاوة كلامه والوقوف بالقلب والتأدب بأدب العبوديه بين يديه ثم ختم ذلك بالاستغفار والتوبة .
9- مجالسة المحبين والصادقين والتقاط أطايب ثمرات كلامهم كما ينتقى أطايب الثمر ، ولا تتكلمي إلا إذا ترجحت مصلحة الكلام وعلمت أن فيه مزيدا لحالك ومنفعة لغيرك.
10- مباعدة كل سبب يحول بين القلب وبين الله عز وجل.

وصلّى الله على محمّد وعلى آله وصحبه وسلّم وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

سُبحانك اللّهم وبحمدك أشهد أنّ لا إله إلاّ أنت أستغفرك وأتوب إليك

موضوع مميز و مفيد اخيتي

بارك الله فيك

جعله الله في ميزان حسناتك

الأدب مع الله 5245

» الحب في الله
» سلام الله عليكم احبتي في الله
» الفرق بين ان شاء الله و انشاء الله
» الله......الله.....الله
» الاخــــــــــــــوة في الله ........